Monday, 15 January 2007

مع صديقي مالك



أكاد اجزم ان الله بعث لي بجاري مالك الباكستاني المتقاعد كي يعاقبني على بعض الهفوات الصغيرة، فهو لم يتوانى عن استدراجي للنقاش السياسي الخطر كلما امسك بي متلبسا بالتدخين في الحديقة المشتركة لمنزلينا. ذات صباح، اشعلت غليوني ودلفت الى الحديقة، وكأننا على موعد، مالك بكامل اناقته وربطة عنقه، القى علي السلام الكامل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بادرني دون مقدمات بالسؤال عن آخر الاخبار، قلت لا أخبار لدي سوى ان مدرسة ابني تطلب مني اثباتا من المسجد بانني امارس واجباتي الدينية حتى يقبل هذا العام، ولان المدرسة لا تبعد عن منزلي سوى امتارا قليلة، فانني مصر على تسجيله في هذه المدرسة، ولا وقت لدينا للسفر اليومي لمدارس بعيدة. قال الموضوع في غاية البساطة اذهب للمسجد المجاور وبدأ يشرح أقصر الطرق للوصول اليه، تجد هناك ابو صهيب، عرفه بنفسك، واطرح عليه مشكلتك وسيمنحك الورقة قلت انا اعمل ليل نهار ولا وقت لدي، واردفت إذا كان من المناسب ارسال زوجتي لتقوم بالمهمة نيابة عني... قال بالطبع، ليست مشكلة ...
وهكذا... ذهبت فاطمة الى المسجد وسألت عن ابي صهيب، نظر اليها بتحفظ، ودون ان يسألها عن غايتها سأل ألست مسلمة، قالت بلى والحمد لله، قال وهل تعلمين آداب اللباس والحشمة في الاسلام قالت بلى فأنا من اسرة مسلمة تحرص على واجباتها الدينية، وانا اصلي مع النساء بعض ايام الجمعة، قاطعها بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ردت عليه بانها تعلمت ان الاصل هو اللباس المستور، قاطعها وقال لها ارسلي لي زوجك لاتحدث معه.
عادت زوجتي الى البيت، واسمعتني ما قال لها ابا صهيب، قلت دعي الامر لي، وسأذهب بنفسي الى المسجد، وهذه آخر مرة استمع فيها الى نصيحة مالك، الذي يختص في توريطي في مصائب بلاد الانجليز.
ذهبت الى المسجد، وقابلت ابو صهيب وبادرت بتعريف نفسي وبأنني مطرود من بلادي، والمدرسة تصر على ورقة منكم، قاطعني قائلا "لكني لم ارك في مسجدنا قلت ان عملي يستهلك جل وقتي، سأل عن عملي، غضب وقال انت تعمل لدى طغاة، ثم انك وانت المتعلم تسمح لزوجتك ان تكون مكشوفة الوجه واليدين، وكشف الوجه ذريعة للزنى فهو حرام شرعا لما ينشأ عنه من عصيان، قلت اسمح لي يا شيخ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الوجوه سافرة في المواسم والمساجد والاسواق، وما روي عنه قط انه امر بتغطيتها، ثم اذا كانت الوجوه مغطاة فعم يغض المؤمنون ابصارهم كما جاء في الاية الكريمة " قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم" عن ماذا يغض المسلمون ابصارهم. واضفت ان الشرع امر بكشف الوجه في الحج وفي الصلاة، قال ان السماح بكشف الوجه في الحج يعني ان الوجه يجب ستره فيما وراء ذلك وأن على المرأة ارتداء النقاب والقفازين. قلت لو ان الله اراد ستر الوجه لذكر ذلك صراحة "وليضربن بخمرهن على جيوبهن"، انفعل ابا صهيب وقال من اعطاك الحق في التحريم والتحليل، نحن يا اخي في بلاد الطواغيت والكفر، والرذيلة والفساد هي السائدة، ويجبب التشدد في هذه المواضيع. قلت يا شيخ انك تبالغ في الغلو، واسلامنا دين يسر، ونحن مختلفان، اني في غنى عن ورقتك، وغادرت المسجد، عدت الى بيتي مكدور النفس، راجعت ملف المدرسة والسبب الرئيسي لرفض الادارة تسجيل ابني، فتبين لي انهم وضعونا تحت بند غير الممارسين لدينهم، وان ذلك سبب رئيسي لوضعنا خارج اللائحة.
اليوم التالي ذهبت الى المدرسة، قابلت الناظر الذي شرح لي ان المدرسة اساسا هي للكنيسة وخدمة الرعية واذا كان هناك من فرصة لقبول اتباع الاديان الاخرى، فليكونوا من المؤمنين.
قلت انا مؤمن بالله وبرسله، ولكني فشلت في الحصول على ورقة من المسجد، ولا اريد الكذب والنفاق والحصول على الورقة بطرق ملتوية، وصراحة ومبدأيا ارفض الحصول على ورقة بهذه الطريقة، والله فقط هو من يشهد على ايماني قال اذن اختلفنا وبامكانك الاستئناف، والتظلم لمن تشاء، فكل المسلمين هنا احضروا الاوراق من مساجدهم، وشدد في نهاية حديثه على ان لا مكان لولدي في هذه المدرسة، حاولت مقاطعته، ان ذلك مخالف لكل القوانين، ثم ان غالبية اصدقاء ابني من الجيران قبلوا واريده ان يستمر في صرامته لهؤلاء الاطفال الذين رافقوه في الروضة، قال ان لا شيء يمكنه فعله لي. انتهت المقابلة.
زاد حنقي وغضبي على هذا المأزق الذي اواجهه في بلد الليبرالية الاول في الغرب، وقبل ان ادلف الى بيتي خرج المستر مالك من بيته ليسألني عن مصير الولد والمدرسة، اعدت عليه باختصار نتائج نصيحته، ابتسم وقال لا تعقد المسائل، اذهب الجمعة الى الصلاة في مسجد اخر، وبعد الصلاة، اذهب الى الشيخ واطلب الورقة ولا تجادله في شئ...وحل الموضوع يحتاج منك الى مرونة، كن عمليا يا برذر هذه هي الحياة، اضاف هذه بريطانيا العظمى

No comments: